الإلكترونيات والأطفال
الإلكترونيات والأطفال
مما لا يخفى على أحد أننا نعيش في ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل، فيكاد لا يخلو بيت إلا واجتاحه هذا التطور بشكل أو بأخر.
كما هو معروف فإن هذه التكنولوجيا تعتبر باباً واسعاً للتسلية والترفيه لدى الكثير من الأطفال، ولكن ليس هذا فحسب فهي بالمقابل تعطي مجالاً أوسع لتنمية المهارات والقدرات التعليمية والتواصلية عند هؤلاء الأطفال.
نعم قد يكون من الصعب جداً في ظل هذا الغزو التكنولوجي الضخم أن يتم منع الأطفال البته من إستخدام هذه الأجهزة الإلكتروتكنولوجية، ولكن لا بد من أن يكون هناك نوعاً من التدخل سواءً من الأهل أو من المدرسة لضبط فرط الاستخدام لهذه الأجهزة عند هؤلاء الأطفال أو بعبارة أخرى “ضبط ما يدعى بسوء الاستخدام” ولا أدري إن صح التعبير.
الشاشات الإلكترونية بين الإيجابيات والسلبيات:
كما تكلمنا أنفاً بأن هذه الشاشات الإلكترونية تنمي المهارات المعلوماتية والتواصلية على حد سواء عند هؤلاء الأطفال، ولكن وبالرغم من هذه الإيجابيات المتنوعة لا يخلو الأمر من وجود بعض النقاط التي وللأسف من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على هؤلاء الأطفال؛ التي عادةً ما تحدث جراء الإستخدام اللامبرمج لهذه الأجهزة الإلكترونية، ولعل من أبرز هذه النقاط السلبية … وليس على سبيل الحصر:
- الخلل الذي قد تحدثه هذه الأجهزة الإلكترونية في النمو الاجتماعي والوجداني الطبيعي للطفل، والتأثير السلبي أيضاً على التفاعل النفسي لدى هذا الطفل سواءً في بيئته المنزلية أو المدرسية؛ مثل العزلة أو فرط الحركة الغير طبيعي وغير ذلك من السلبيات.
- خلافاً لما قد يتوقعه الكثيرين، فإن هذه الأجهزة الإلكترونية من شأنها أن تقلل من نسبة الذكاء وروح الإبتكارات عند هؤلاء الأطفال، فقد أشار باحثون على أن الإجابات الجاهزة والتي بمجرد الضغط على شاشات هذه الأجهزة يمكن أن تؤثر على نمو الطفل الوجداني وتحد من قدراته على الإبداع والتفكير في مواجهة وحل المشكلات بشكل سليم ومنطقي.
- الحد من التدريب اليدوي ومن المهارات المتعلقة بالتوافق بين النظر والحركة اللازمين للنمو الإدراكي السليم عند الأطفال.
- العزف عن ممارسة الرياضة بسبب توافر عناصر الجذب في هذه الأجهزة؛ من الألعاب والفيديوهات والصور وغيرها، مما يؤثر سلباً على النمو البدني والإجتماعي عند هؤلاء الأطفال.
- المشاكل البصرية – حيث أنه بات معروفاً لدى الجميع ما قد يتسببه كثرة النظر إلى هذه الشاشات الإلكترونية من ضعف في النظر ومن الإجهادات البصرية المتكررة.
- اضطرابات النوم وما يليها من تبعات لا تحمد عقباها والتي وللأسف بتنا نراها بشكل ملحوظ ولا سيما في الأونة الأخيرة مثل الأرق والتعب العام وقلة التركيز والقلق والتوتر، وغير ذلك من الإضطرابات التي من شأنها أن تؤثر على الحالتين البدنية والنفسية على حد سواء.
- التدني الملحوظ في المستوى المدرسي وذلك بسبب الإدمان على شاشات تلك الأجهزة الإلكترونية والذي أصبح واضحاً جلياً وخصوصاً في ظل هذه الثورة التكنولوجية المستمرة.
- المشاكل التي قد تسببها الإشعاعات والموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن هذه الأجهزة والتي لم يثبت أمانها بعد حتى الأن، علاوة على ذلك ما تحدثه الجلسات الطويلة الخاطئة أمام شاشات هذه الأجهزة من الألام المفصلية العضلية سواء كانت آلاماً رقبية أو ظهرية.
البرمجة الإدارية للشاشات التكنولوجية:
في دراسةٍ سابقة نشرتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال AAP توصي فيها الأكاديمية بأن لا يقضي الأطفال الذين تترواح أعمارهم بين السنتين إلى الخمس سنوات أكثر من ساعة واحدة فقط في اليوم أمام شاشات هذه الأجهزة الإلكترونية، وأن لا يتم إستخدام هذه الأجهزة البتة لمن هم دون السنتين من العمر، كما وشددت الأكاديمية على أهمية ضبط هذا الاستخدام لدى الأطفال ممن هم في سن الخامسة وما فوق.
وأخيراً أقول بأن هناك عوامل أخرى متنوعة من شأنها أن تصب في مصلحة هذه البرمجة الإدارية مثل إيجاد البدائل الممتعة للطفل، أو تكليفه نوعاً من المسؤولية، أو غير ذلك من العوامل، بحيث لا يترك هؤلاء الأطفال البته أمام هذه الشاشات الإلكترونية دون أن يكون هناك نوع من التنظيم والرقابة المستمرين مما يعود عليهم بالنفع والفائدة بإذن الله تبارك وتعالى.
مقال الإلكترونيات والأطفال كتبه: الدكتور أكرم خالد صالح
ليست هناك تعليقات